العسل صيدلية متكاملة
العسل صيدلية متكاملة
إعداد/إسلام عبد التواب سيف/ملحق الأسرة/صحيفة الثورة-26/6/2010
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ((...يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69))) سورة النحل, وقال عليه الصلاة والسلام: ((الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيَّةِ نَارٍ وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنْ الْكَيِّ)) عن ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري برقم(5248), والأحاديث في هذا الباب كثيرة وجميعها يحث على استخدام العسل .
وقد اُستخدم العسل قديما وحديثا كمادة غذائية ودوائية وذلك من خلال استخدامه مباشرة كشربه مع الماء أو وضعه على الجروح, أو بإضافته إلى مواد أخرى مما يزيد من فعاليته وقدرته على الشفاء بإذن الله تعالى.
وللعسل ألوان متعددة تدرج من اللون الفاتح إلى اللون الغامق ومذاقات مختلفة هذا الاختلاف في اللون والمذاق نتيجة لاختلاف نوع مراعي الأشجار التي يتغذى عليها النحل , وفي اليمن يوجد أكثر من ألف نوع من الأشجار التي يقوم النحل بزيارتها لجمع الرحيق وحبوب اللقاح.
ومن أهم مراعي الأشجار التي يتغذى عليها النحل في الجمهورية اليمنية شجرة السدر,الضبيان , العفار, الكافور, التين , السمر البلدي , النارنج , النارجيل , النخيل , السيسبان , القاف , المضامن , القطن , اللبان , البرسيم ,الصبر , والمريمرة , بالإضافة إلى أنواع أخرى كثيرة.
ومن أنواع العسل اليمني عسل السدر وهو من أجود أنواع العسل وأغلاها وتنتجه النحل من رحيق شجرة السدر (العلب) المنتشرة في الأودية ويستخدم في علاج الأمراض المختلفة، ويأتي على لونين فاتح خفيف اللزوجة وغامق ثقيل وله رائحة ثمار العلب , عسل السمر ويعرف أيضا ب(الطلح) المنتج من أشجار السُّمر وهي أشجار شوكية تنتشر بشكل كبير في حضرموت وشبوة ومحافظات صنعاء، وإب والمحويت، و يأتي في المرتبة الثانية بعد عسل السدر له لون أحمر وطعم حار وهو أقل لزوجة من عسل العلب , عسل السلام ويعرف بعسل الشوكة وهو ميال للحمرة خفيف الكثافة , عسل الصال هو الآخر أحد أنواع العسل اليمني ينتجه النحل من أزهار أشجار الأثل معروف بطعمه اللاذع الذي يترك حرقة في الحلق تبقى بعد تناوله لساعات , العسل الجبلي الأبيض وينتج من المناطق الجبلية الغربية في الجمهورية اليمنية ومن أهم خواصه تجمده وتعدد ألوانه فمنه الأبيض والأبيض الداكن والأحمر بحسب نوع الأزهار والصبغة التي يكتسبها النحل , بالإضافة إلى عسل المراعي وهذا النوع من العسل ينتج في كثير من أيام السنة ، حيث أن النحل لا يعتمد في إنتاجه على أشجار معينة ، بل أشجار و أزهار متعددة ، لهذا سمي بعسل المراعي نسبة إلى المراعي المتنوعة التي تمثل المراعي بالنسبة للنحل، وهو عسل ذو جودة متوسطة ، توفره وديان المحافظات الغنية بالتنوع الحيوي النباتي ، التي تحظى بالنصيب الأوفر من الأمطار الموسمية مثل محافظات إب وتعز وريمة والحديدة وذمار . ..
ويعتبر العسل مهدأ ومغذٍ ومحارب الفطريات والجراثيم , ويساعد على ليونة الأنسجة، وعلى بقاء الكالسيوم في الجسم , مضاد للبكتريا، مفيد للمشاكل الداخلية والخارجية للجسم, العسل يدعم الجهاز المناعي لجسم الإنسان, والعسل من المقويات الجنسية الطبيعية وبالتالي ليس له أضرار جانبية , ويعتبر العسل من الوسائل العلاجية في الطب البديل.
ويتكون العسل من عدد من المواد الغذائية الهامة والضرورية التي يحتاجها الجسم للقيام بوظائفه الحيوية على أكمل وجه ومن أهم هذه المواد السكريات والتي تمد الجسم بالطاقة ومن هذه السكريات السكريات الأحادية (الجلوكوز) حيث يعتبر من أحد مركبات العسل الأساسية إذ أنه يمثل 75% من مكوناته وهو ما أعطى العسل القوة الحرارية المرتفعة جداً, حيث أن الكيلو جرام الواحد من العسل يعطي 3150 سعره حرارية , وتمتاز هذه السكريات الأحادية بسهولة امتصاصها دون الحاجة إلى إعادة هضمها.
الإنزيمات ويحتوي العسل على عدد من الخمائر-الإنزيمات- التي تنشط تفاعلات الاستقلاب في الجسم والتمثيل الغذائي له , فخميرة الاميليز التي وظيفتها تحويل النشا الموجود في الخبز ومختلف المواد النشوية إلى سكر جلوكوز , وخميرة الانفزتار وهي تحول السكر العادي إلى سكاكر أحادية (جلوكوز وفراكتوز) من أجل تمكين الجسم لامتصاصها , وخميرة الايبيز المختصة بهضم الدسم والمواد الدهنية , بالإضافة إلى خميرة الكاتاليز و البيروكسيدايز الضروريتان لتنفيذ عمليات الأكسدة التي تتم داخل الجسم .
الأملاح المعدنية والتي تتمثل في الحديد والنحاس والبوتاسيوم والماغنسيوم والكبريت والكالسيوم والصوديوم والفسفور والمانجنيز وهذه الأملاح المعدنية توجد في العسل بنسبة 0.018% , وعلى الرغم من ضآلتها إلا أن لها أهمية كبرى حيث أنها تجعل العسل غذاء ذا وسط قلوي مضاد للحموضة.
الفيتامينات ويتكون العسل من مجموعة من الفيتامينات مثل فيتامين ب1 الذي يوجد بنسبة 0.15 % لكل كيلو جرام ولهذا الفيتامين دور أساسي في عمليات التمثيل الغذائي داخل الجسم , وفيتامين ب2 يتوفر بنسبة 1.5 % لكل كيلو جرام ويدخل في تركيب الخمائر المختلفة التي تفرزها الغدد في الجسم , وفيتامين ب3 ويتوفر بنسبة 2 مليجرام لكل كيلو جرام من العسل وهو مضاد لالتهابات الجلد , وفيتامين ب5 بنسبة 1 مليجرام لكل كيلو من العسل , وفيتامين ب المضاد للنزيف, وفيتامين ج بنسبة50 ملغ / كجرام والذي يزيد من مناعة الجسم ومقاوم الأمراض.
إلى جانب ذلك فالعسل يتركب من مواد أخرى من الأحماض الأمينية وكميات قليلة من البروتينات , بالإضافة إلى حبيبات غروية وروائح عطرية تعطيه الرائحة المميزة , وبذلك احتل العسل المرتبة الأولى بالنسبة له كغذاء مثالي للإنسان.
يعتبر الأطفال أقل مقاومة للأمراض وأضعف في جهاز المناعة ، وللعسل دوره الفعال في تقوية جهاز المناعة ووقاية الأطفال من الأمراض , وبما أن الطفل لا يقوى على مقاومة الأمراض نظرا لضعف جهاز المناعة لديه فإن العسل يعمل على تقوية جهاز المناعة لدى الأطفال ويقضي على التهاب اللوزتين ويعالج السعال بوضع ملعقة من العسل مع كوب من الحليب الساخن وشربها صباحا ومساء كما أن العسل يعالج التبول اللاإرادي عند الأطفال فوق سن ثلاث سنوات بإعطائهم ملعقة من العسل قبل النوم .
هناك بعض الأمهات يقمن بإعطاء أطفالهن الرضع عسل النحل وهو دون السنة من العمر، وفي ذلك خطورة عليه ، نظرا لاحتمال حدوث الشلل البوتشليني وذلك لوجود نوع من جراثيم بكتيريا كلوستريم بوتشيلينيم اللاهوائية والتي قد تنشط وتهاجم الطفل وتحدث له نزلات معوية قد تؤدي إلى الوفاة بسبب عدم اكتمال جهازه المناعي ، أما الأطفال الذين هم أكبر من السنة فلا يؤثر ذلك فيهم.
يمكن في بعض الحالات أن ينخفض سكر الدم فيصبح كما في الأشخاص العاديين إذا تناولوا العسل ، ولا يمكن تقليل هذه الحالة إلا بوجود مواد مؤكسده في العسل تجعل تمثيل سكره أكثر سهولة في الجسم فلا تظهر نسبته مرتفعة في الدم ، ومما يساعد على تمثيله احتواء العسل على نسبة مرتفعة من البوتاسيوم ، لكن يجب على مرضى السكر القيام بتحليل دمائهم قبل تناول العسل وبعده لتحديد الكمية المسموح بها تحت إشراف الطبيب .
يدخل العسل في صناعة الأقنعة الجمالية وله تأثير إيجابي على البشرة وهو مادة مرطبة وملينة , ويزيد من قوة البصر بخلطه مع عصير الجزر, ويعمل العسل الطبيعي على رفع نسبة السكر في الدم بكمية ضئيلة وبالتالي فإن مرضى السكر من النوع الثاني(سكري الكبار) يمكنهم تناوله بكميات صغيره منه .
اُستخدم العسل أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث كان يُخلط العسل مع زيت كبد سمك "القد" لعلاج جروح الجنود المصابين أثناء المعارك حيث له القدرة على تسريع عملية التئام الجروح بالإضافة إلى القدرة على امتصاص الرطوبة التي تزيد من نمو البكتريا والجراثيم وبالتالي إصابة الجروح بمضاعفات خطيرة .
ويُستخدم العسل كعلاج لكثير من الأمراض المختلفة حيث قام باحثون نيوزيلنديون بصنع ضمادات من العسل ومستخلصات الأعشاب البحرية لمعالجة الجروح , وقال باحثون في جامعة وايكاتوإن الضمادات يمكن استخدامها لمعالجة تقرحات الأقدام والسيقان والحروق والأجزاء المصابة بالالتهابات في الجسم .
وأفادت دراسة طبية أن العسل الطبيعي هو علاج أكثر فعالية للسعال عند الأطفال من سائر الأدوية المتاحة في الصيدليات، فجرعة من العسل قبل النوم تفوق في أدائها العقاقير المهدئة للسعال, كما يمكن مزج العسل بالليمون والزنجبيل لهذا الغرض.
يساعد العسل في تخفيف حالات جفاف الفم أو نشفان الرِّيق التي تعرف طبيا بـ (Xerostomia) ونقص اللعاب الناجم عن جفاف الفم الذي قد يحدث تلقائيا نتيجة لتعاطي أنواع مختلفة من العلاجات الدوائية أو العلاج الإشعاعي والكيميائي المخصص للسرطان, والذي يسبب ترقّق الأسنان وهشاشتها وزيادة تعرضها للتلف.
أظهرت دراسة تركية أن استعمال العسل مرهما مع جراحة سرطان القولون يساعد على منع تجدد الأورام الخبيثة عقب الجراحة , كما أوضحت دراسة أمريكية بأن العسل الأسود أو ذات اللون الداكن يحتوي على الكثير من العناصر المغذية بالإضافة إلى مضادات الأكسدة التي تضعف تأثير الجزيئات الضارة في الجسم المعروفة بالراديكاليات الحرة التي تدمر المادة الوراثية وتعرض الإنسان للإصابة بالتهاب المفاصل والسكتات القلبية والسرطانات مقارنة مع أنواع العسل الفاتحة اللون.
وفي دراسة أخرى حديثة أكدت إمكانية استخدام العسل بديلا عن المواد الحافظة لحفظ بعض الأطعمة لأطول فترة ممكنة بسبب احتواء العسل على مضادات الأكسدة التي تمنع فساد الأطعمة والحفاظ عليها بصورة سليمة لأطول فترة ممكنة.