فلذات أكبادنا تمشي على الأرض
فلذات أكبادنا تمشي على الأرض
أبنائنا وبناتنا فلذات الأكباد هم مهجة القلب ومقلة العين نفديهم بالنفس والأموال نتعب من أجل أن يرتاحوا ونعاني من أجل أن لا يعانوا, نجوع ليشبعوا ونعرى ليكتسوا ونمرض ليصحوا, هم رأس مالنا وعليهم يكون الرهان في بناء وطننا الحبيب.
وأن مما يدمي القلب ويدمع العين أن ترى أطفالا منذ نعومة الأظفار يقاسون مرارة الحياة ويتكبدون غصص العيش تحملوا أعباء رغما عنهم وتكفلوا بأمور الحياة وأصبحوا رعاة قبل أن يصيروا رعية.
يتعرض الكثير من أطفالنا لمعاناة العيش وقسوة الحياة جراء الأوضاع الاقتصادية التي يعيشونها وهو ما يدفع بأسر هؤلاء الأطفال للزج بهم في ميادين العمل المختلفة من أجل البحث عن لقمة العيش وما يسد الرمق.
فماذا يفعل هذا الطفل المسكين حينما يجد نفسه مدفوعا رغما عنه إلى الشارع باحثا عن أي عمل بسبب أنه أصبح كبير الأسرة فأبوه قد توفي وترك له أعباء هذه الحياة وليس هناك من يعوله وأسرته.
فتراه يتجول في الشوارع ليل نهار يبحث عن أي عمل ليكسب منه قوت يومه ليعود بعد ذلك إلى أسرته التي تنتظره بفارغ الصبر فقد صار رب الأسرة ومعيلها,سبحان الله وكأنه خلق رجلا كاملا جاهزا لتحمل الأعباء ولم يولد طفلا صغيرا يعيش طفولة بريئة وصار مباينا لأقرانه الذين كانت ظروف حياتهم أفضل منه.
تعددت أعمال هذا الطفل وتنوعت فهو تارة يبيع ويشتري على أرصفة الشوارع وفي الجولات وفي الحارات والأزقة وأمام المدارس التي حُرم من دخولها وأصبح خارجها لأنه لا يستطيع دخولها ,وتارة يعمل في ورش السيارات وورش النجارة وتارة يمسح السيارات ,ومرة يحمل الميزان,ومرة يضطر إلى التسول حينما تغلق أمامه سبل العمل الشريف ,وتارة يقع بين يدي جماعات نزعت من قلبها الدين والرحمة وسلكوا به طريق الانحراف وطريق المجهول .
ويكبر هذا الطفل وتكبر معاناته فهو لم يأخذ من التعليم ما يستطيع به تحسين وضعه الاجتماعي والاقتصادي ولا من التربية الصحيحة ما يضمن له عدم الانحراف ويصبح عالة على المجتمع الذي يعيش فيه.
فهل من حلول حقيقية لهذه المعضلة وهل من خطط للحد منها لضمان نشئ سليم خال من الحقد والعقد النفسية لأن أطفالنا اليوم هم رجال المستقبل ونسائه وهم ُبناته وحماته فكيف يبني من لم يتعلم البناء وكيف يحمي ولم يعرف الأمن ففاقد الشيء لا يعطيه ولا حول ولا قوة إلا بالله.