(المكرفس) في الحديدة


جهل بهوية المرض وسرعة انتشاره (المكرفس) في الحديدة .. يحوِّل الشاب إلى شيخ عاجز لا يقوى على الحركة
الثلاثاء , 21 ديسمبر 2010 
استطلاع/إسلام عبد التواب سيف


بين ذعر المواطنين وإهمال وتقصير من الجهات المختصة تتعرض محافظة الحديدة منذ فترة ليست بالقصيرة لوباء غريب -لكنه ليس بالخطير- اجتاح معظم مديرياتها وقراها لا يميز بين الصغير أو الكبير بل الكل في نظره سواء (بيت الفقيه-الخوخة -الزيدية -حيس-الجراحي -التريبة - المغلاف -باجل - الكدن - المراوعة- قرية اليومين - مدينة الحديدة ) والمزيد من القرى والمديرات مرشحة للدخول ضمن القائمة المستهدفة من قبل المرض إن لم يكن المرض قد اجتاحها بالفعل.

وفي ظل تضارب الأنباء حول تأكيد وجود وفيات من عدمها وبين حدوث الوباء من عدمه يبقى الغموض مخيما على الساحة بانتظار الجهات المختصة للإفصاح عن ماهية الوباء وقدرتها على محاصرته حيث أنه لم تؤكد أي حالات وفاة بسبب المرض حتى كتابة هذا الموضوع لكن الجهل بهوية المرض وكيفية انتشاره هي المخيمة على الوضع، وهذا باعتقادي ما جعل السيطرة على المرض غير ممكنة على عكس ما صرحت به الجهات المختصة من قبل فطالما أن المسبب غير معلوم فإن طريقة انتشاره تبقى مجهولة...

ما هو المكرفس

 مرض يصيب ضحيته بعجز لا يستطيع معه القيام من مكانه عوضا عن أداء أعماله ومهامه، بل أصبحت قوة الشباب وعنفوانه أمام هذا المرض كريشة في مهب الريح وأمسى الشاب القوي كشيخ هرم عاجز لا يقوى على الحركة.

 ليست هناك هوية مؤكدة عن المسبب المرضي، الجميع في الوسط الطبي يجمعون تقريبا على أن الإصابة سببها فيروسي لكن هوية الفيروس مختلف فيها وبحسب تصريحات المختصين فقد أكد الدكتور سلطان المقطري أن هذا المرض ليس بالخطورة التي تصورها وسائل الإعلام ، موضحا أن هذه الحمى عادة ما تنتشر في مثل هذه الأيام من السنة وأن البعوض هو الناقل الوحيد للمرض، وأكد الدكتور المقطري أن المرض يصيب الشخص بحمى شديدة واستخدام العلاجات يذهب المرض في غضون ثلاث أيام ،الدكتور سلطان المقطري لم يفصح عن هوية الفيروس بالتحديد أو اسم المرض وإنما اكتفى بذكر الناقل للمرض (البعوض) والذي ينتشر بكثرة خصوصا في هذه الأيام، من جهة أخرى رجح الدكتور خالد الصلوي أستاذ الوبائيات بجامعة الحديدة أن يكون الفيروس المسبب لهذا المرض هو إبستين بار فيرس(Epstein-Barr Virus ) وأشار الدكتور الصلوي إلى أنه بصدد عمل دراسة حول هذا الوباء كما أيد فكرة وجود أكثر من مسبب فيروسي لهذا الوباء، تجدر الإشارة إلى أن مدة حضانة إبستين بار فيرس تصل من 4 - 10 أيام حيث تظهر أعراض بعدها على المريض تتمثل في ارتفاع في درجات الحرارة،صداع قد يستمر، فقدان الشهية ،غثيان أو قيء واضطراب في البطن، ألم في الحلق، بالإضافة إلى وجود غدد في الرقبة خصوصاً المنطقة الأمامية أو الخلفية من الرقبة وتحت الإبطين، احتمال وجود طفح على شكل نقط وردية، كما يصاحب المرض ارتفاع في عدد كريات الدم البيضاء بشكل عام، بالإضافة إلى وجود زيادة في معدلات وظائف الكبد، كما يمكن للفيروس أن ينتقل عبر الرذاذ حيث يتركز الفيروس في لعاب المريض.

وعلى ما يبدو فإن وجود أكثر من مسبب فيروسي هو الواقع والحاصل في هذا الوباء من خلال التنوع الحاصل في الأعراض لدى الحالات المصابة وهو ما يستوجب قيام الجهات المختصة ببذل المزيد من الجهد للتأكد من هوية المسبب ومعرفة كيفية انتقاله لضمان المحاصرة الحقيقية للمرض خصوصا أن المرض أصبح في مدينة الحديدة .

لقاءات متفرقة

 عوض شعيب من أبناء قرية التريبة الواقعة شرق مدينة زبيد التاريخية أكد أن قرية التريبة تعاني من هذا المرض الذي لا يزال مستقرا فيها حيث أكد أن إجمالي الإصابات التي وقعت لأقربائه وأصدقائه ممن يعرفهم في قريته بلغت أكثر من مائة حالة، لكنه لم يؤكد حدوث وفيات في منطقته ولم يسمع أيضا بوجود مساعدات أو نزول ميداني من قبل الجهات المختصة.

سليمان أحد أبناء قرية اليومين القريبة من المراوعة أصيب بهذا المرض لفترة 4-5أيام عانى فيها ما يعانيه أهل قريته (قرية اليومين)حتى هذه اللحظة في ظل غياب الجهات المختصة التي لم تصل إلى هذه القرية بعد.

محمد زخيم الذي يعمل كطبيب مخبري في بيت الفقيه والذي كان قد أصيب (بالمكرفس) تحدث عن الأعراض التي عاشها وتعايش معها ومن خلال ما رآه وبحكم عمله كطبيب مختبر، يقول محمد بأن أعراض المرض تمثلت في: حمى شديدة طوال اليوم لا تهدأ حتى بعد أخذ المهدئات، آلام مبرحة في المفاصل لدرجة يعجز منها المريض عن الذهاب للحمام لقضاء الحاجة ، وجود حالات إسهال وقيء في بعض الإصابات تتباين حالات الإسهال من متوسطة إلى شديدة قد يدخل المريض على إثرها في غيبوبة بسبب فقدان الكثير من السوائل، ظهور طفح جلدي في بعض الحالات متباينة في الأحجام، ظهور حكة في مناطق مختلفة من الجسم وهو دليل على شفاء المريض ، ونصح زخيم بشرب الكثير من السوائل خصوصا الحالات التي تعاني من إسهال وقيء. وعن فترة ما بعد المرض (فترة النقاهة) قال زخيم: يحصل فقدان للشهية واشمئزاز من شرب الماء على الرغم من أن شهية المريض تكون شبه طبيعية،وعن كيفية انتقال المرض تحدث زخيم عن احتمالية انتقال المرض عبر الرذاذ كون الإصابات في بيت الفقيه بدأت قبل وجود أو تكاثر البعوض في المنطقة بحسب قوله. وعن حالات الاستغلال اللا إنساني لحالات المرضى أكد زخيم وجود أصحاب نفوس ضعيفة جعلت من حالات الإصابة الجماعية موسما لكسب الكثير والكثير من الأموال ولو على حساب أرواح الفقراء والمساكين ممن قد لا يملكون حتى قيمة حبة دواء مسكنة وفي ظل غياب الضمير وغياب الرقابة فإن هؤلاء الأشخاص الذين من المفترض بهم أن يكونوا أكثر الناس رحمة بالناس على اعتبار أنهم يحملون رسالة إنسانية عظيمة تتمثل في إنقاذ حياة البشر والتخفيف من معاناة المرضى حيث يقوم هؤلاء ببيع الإبر المغذية بأسعار تفوق سعرها الطبيعي بأضعاف فمن 400ريال للمغذية الواحدة (السعر العادي)إلى 1200-1500ريال للمغذية الواحدة(السعر في موسم المرض).ومن الأعراض التي يتركها المرض بعد مغادرته لجسم ضحيته تحدث زخيم عن عودة إصابات قديمة خصوصا إصابات العظام لدى من أصيبوا بكسور في العظام في الماضي،وعن دور الجهات المختصة تحدث زخيم بأن المجلس المحلي في المديرية رفع الأمر للجهات المختصة في المحافظة والتي بدورها قدمت نوعا من المساعدات تمثلت في صرف مغذيات غير كافية على حد قوله وأكد هذا أيضا أحمد منصور، الذي يعمل أيضا كطبيب مخبري في نفس المدينة وأفاد بوجود مساعدات من أهل الخير في إيجاد المغذيات للمرضى والتي ساهمت في التخفيف من وطأة المرض، كما تحدثا عن قيام الجهات المختصة بعمليات رش لمكافحة البعوض لا تفي بالغرض، وأكد زخيم وجود المرض في القرى المجاورة لبيت الفقيه بعد نزوحه من المدينة وهو ما يدل على عدم السيطرة على المرض بعكس تصريحات سابقة أكدت السيطرة عليه.

اعراض المرض

د. محمد غالب من أبناء مدينة الجراحي تحدث عن حدوث المرض منذ حوالي شهر ونصف كما تحدث عن نفس الأعراض من حمى شديدة وآلام حادة في المفاصل وصداع الشديد ولم يذكر وجود حالات إسهال، وتحدث عن عدم وجود إحصائية دقيقة للمرضى المصابين كون المرض ينتشر بسرعة بين الأشخاص كما نفى وجود أي حالة وفاة.

الوباء ليس بالمرض الخطير حيث لم تثبت أي حالة وفاة بسبب المرض لكن سرعة انتشاره روعت المواطنين وزرعت في أنفسهم الخوف مما قد يسببه ويخلفه المرض كما أن حدوث عمليات الاستغلال من قبل بعض ضعاف النفوس تفاقم الوضع سوءا بسبب التردي الاقتصادي للكثير من الناس،ومجرد أخذ المهدئات وشرب السوائل كفيل بإزالة أعراض المرض بإذن الله تعالى،لكن يبقى على الجهات المختصة العمل على مساعدة المرضى خصوصا أولئك الذين يصعب عليهم توفير الأدوية خاصة إذا كان في البيت الواحد أكثر من إصابة واحدة..

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نحن وكأس العالم

أسعار العيد